جريدة هل الدين في غنى عن العقـل؟!!



© Le contenu de ce site est protégé par les droits d’auteurs. Merci de citer la source et l'auteure en cas de partage.

جريدة عكاظ = عزيزة المانع

دأب الفقهاء والمشرعون المسلمون منذ قرون بعيدة إلى تبرير الأحكام الاجتهادية التي يستنبطونها من نصوص شرعية بمبررات عقلية يعللونها بها، ليس هذا فحسب بل هم يفعلون ذلك حتى مع الأحكام الواردة في الآيات المحكمة في القرآن الكريم، فيبادرون إلى تعليلها بما تراه عقولهم من مبررات، وذلك مثل تبريرهم قسمة الميراث: للذكر مثل حظ الانثيين، بالقول إن ذلك لكون الذكر هو المكلف بالإنفاق على الأسرة وهو الذي يدفع المهـر، وتبريرهم جعل الطلاق في يد الرجل لكونه أكثر اتزانا وتحكما في عواطفه من المرأة، وغير ذلك. 
في كتاب (تعطيل العقل في الفكر الإسلامي) ترى رزيقة عدناني في سعي المشرعين وعلماء الدين إلى طرح تبريرات عقلية للأحكام الشرعية، دليلا على أنهم يرون أن الجانب الشرعي وحده غير كاف للقبول بها وأن هناك حاجة إلى إضفاء المعقولية عليها بتبريرها بمبررات عقلية، أي أنهم يقرون أن الأحكام تكون صادقة قدر ما تتطابق مع العقل، وفي رأيها أن في فعلهم هذا مناقضة لما يقولون، فهم يرفضون أن يكون العقل أسلوبا للدين، لكنهم في الوقت نفسه يبادرون إلى تبرير الأحكام الدينية بالعقل!!. 

ومن وجهة نظر رزيقة عدناني، إذا كنا نريد معقولية لأحكامنا الشرعية ونحتاج إليها لم لا تكون معقولية صحيحة لا تزيف الواقع والحقيقة؟ لماذا لا نعلن أن الشرع لايستغني عن العقل فنستعيض عن القاعدة التي تقول إذا تناقض العقل مع الشرع نقدم الشرع ونترك العقل، بالقاعدة التي تقول إذا تناقض العقل مع الشرع نأخذ بالعقل ونعيد النظر في الشرع، طالما أن المراد بالشرع (التشريعات) التي استخلصها الإنسان من النصوص الشرعية وليست النصوص بعينها؟. 
رزيقة عدناني، يظهر في رأيها هذا شيء من التشابه مع ما كان يقوله ابن حزم الفقيه الاندلسي، الذي كان ينكر بشدة على الذين يطرحون التعليلات العقلية لتبرير الأحكام الالهية، محتجا بأن طرح التعليلات العقلية فيه افتراء على الله وادعاء بمعرفة الغيب وجرأة على التظاهر بالقدرة على كشف حقيقة ما أخفاه الله عنا من الأسباب.
إلا أن ابن حزم، لم يكن معنيا بتوظيف العقل وسيلة للدين كما هو حال عدناني، فابن حزم كان معنيا بمهاجمة الادعاءات العقلانية لمعرفة الغيب الذي أخفاه الله، أما رزيقة عدناني فهمها أن تبرهن على أن الفقهاء والعلماء، في أعماق نفوسهم وفي اللاوعي منهم يبدون غير مقتنعين بقدرة الشرع وحده على فرض وجوده دون دعم العقل له، وطالما أن هذه حقيقتهم لم ينكرون جعل العقل وسيلة إلى الدين!!. 

Article plublié par :

© Le contenu de ce site est protégé par les droits d’auteurs. Merci de citer la source et l'auteure en cas de partage.

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *